الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية الــقــلـم الــحــــر: هكذا دمّر الإسلام السياسي هذه الدول وخربها

نشر في  11 جانفي 2017  (11:59)

بقلم: الأستاذ عفيف البوني


تساءل المصلح والمفكر اللبناني واﻻسلامي اﻷمير شكيب أرسلان في 1930: لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم؟
وأجاب عن ذلك بكتاب في 168 صفحة، وسؤاله ممتاز، وأجوبته كانت ساذجة وسطحية حين أرجع التخلف الىالجهل والعلم الناقص باﻻسلام وفساد اﻻخلاق للأمراء والعلماء والجبن واليأس ونسيان الماضي المجيد وضياع اﻻسلام بين الجامدين، وعنده ان المسلمين ينهضون بالجهاد في المال والنفس والعلم، والعلم عنده هو العلم بالدين.
جواب حسن البنا عن سؤال أرسلان هو تأسيس جماعة اﻻخوان المسلمين في تنظيم سري ومنه كتائب مسلحة، المصحف بيد والمسدس بيد والهدف رفض الحياة الحزبية الليبرالية والتعددية في مصر وتنصيب الملك فؤاد خليفة يحكم بالشريعة بعد إلغاء أتاتورك ذلك النمط الفردي من الحكم المطلق، ومات البنا ورئيس وزراء مصر اغتياﻻ، وحدث الصدام بين اﻻخوان وعبد الناصر وكان التنكيل من قبله والتآمر من قبلهم، وانشغلت مصر بهذا الصراع طويلا على حساب الوحدة ضد اسرائيل واﻻستعمار.وها هي موجة جديدة من اﻻرهاب تهز استقرار مصر ينفذها اﻻرهابيون باسم الجهاد انتقاما لفشل اﻹخوان ثمّ إخراجهم من الحكم.

أجاب حسن الترابي في السودان عن  سؤال أرسلان وهو اﻻخواني بأن اصلاح الحال يكون بالشراكة مع النميري ثم مع عمر البشير في الحكم بالشريعة ومصادرة الحريات وارسال ميليشيات ﻷسلمة المسيحيين والوثنيين السودانيين وتأديب العلمانيين.. فانقسم السودان الى دولتين وهناك خطر من حصول انفصال أقاليم أخرى.
في الجزائر حصل إرهاب أعمى لعشر سنوات باسم اﻻسلام حسب زعم اﻻرهابيين المنتحلين صفة الدفاع عن اﻻسلام وقتل ربع مليون جزائري وحصل دمار واسع..
في العراق وبسبب اﻻسلام الطائفي الذي أراد الخميني تصديره للعراق حصلت حرب ال8 سنوات وأزهقت أرواح مليون او مليوني إيراني وعراقي، مع الدمار وتوقف التنمية.
في سوريا تسبب اﻻسلام السياسي الطائفي الممول في إفساد الثورة المدنية ضد اﻻستبداد، وحول هذا البلد الى أكبر ساحة تجمع للإرهابيين في العالم وكلهم يزعمون أنهم مسلمون يجاهدون عبر القتل والتدمير بمنطق طائفي بغيض، والقتلة ارهابيون يزعمون ﻻنفسهم صفة اﻻسلاميين وهم يقتلون السوريين مسلمين ومسيحيين ومن كل الطوائف.
العراق المحتل بعد2003 لم يأته اﻻمريكيون واﻻيرانيون بالديمقراطية بل اشتركوا في نهب ثرواته وفي بث وإدامة الفتنة الطائفية من طرف الطائفيين من الشيعة ومن  اﻻيرانيين المتحالفين مع اﻻمريكان وايضا مع الزعامات السنية الطائفية من اﻻخوان المسلمين ثم ﻻحقا من الدواعش وانقسم العراقيون وتقاتلوا، والطائفيون هم من وظف الإسلام طائفيا.

حصل ويحصل في ليبيا وفي اليمن نفس التوظيف السياسي للدين بالمعنى الطائفي المتخلف ضد الوحدة الوطنية وضد التنمية والديمقراطية والحداثة فكانت الحرب اﻻهلية وكان اﻻرهاب، وكل طرف يدعي تمثيل اﻻسلام، والقاتلون والمقتولون كلهم رسميا مسلمون.
تركيا، من أعرق الدول العلمانية، صارت منذ سنة 2000مخبرا لجعل الحكم بيد اﻻسلاميين بشرط التزامهم بالحلف اﻻطلسي وأمن اسرائيل وأن يكونوا معتدلين ومعنى اعتدالهم هو أﻻ يقولوا:ﻻ،  للعم سام في كل ما يراه مصلحة له، وكذا حوّل أردوجان وحزبه اﻻسلامي سوريا الى خراب ودمار وحرب أهلية وأرض يعيث فيها مئات آﻻف اﻻرهابين إفسادا في اﻷرض، فتركيا محطة عبور وإسناد وتشجيع وقاعدة خلفية لكل إرهابي يقصد سوريا. بل إن أردوجان أسهم في جعل تونس من أكثر الدول تصديرا للإرهابيين.

في غزة شغل اﻻسلاميون الفلسطينيين عن وحدة الشعب والقضية وحققوا اﻻنفراد بالحكم واﻻنفصال عن أشقائهم تحت اﻻحتلال، وقدموا هدية للمحتل، وﻻ أعني أن عباس وفتح ، قد كانا في الطريق الصحيح.
اﻻسلام السياسي في الصومال أنهى وجود الدولة، وفي نجيريا وفي الصحراء والساحل يتمظهر اﻻسلام السياسي عبر ممارسة التهريب وعبر اﻻرهاب باسم الجهاد.
اﻻسلام السياسي اﻷسيوي المتعصب كان قد «أنجز» انفصال الباكستان عن الهند الديمقراطية فعاش الباكستانيون تحت حكم العسكر والمتعصبين دينيا و كان اﻻسلام السياسي عبر أسامة بن ﻻدن لطرد السوفيات من أفغانستان لصالح اﻻمريكان ثم كانت نسخة أخرى منه طالبان ومنهما كان اﻻرهاب باسم الجهاد من أجل الشريعة وكانت داعش...
وحده حزب الله، بإسلامه السياسي وبقيادة ذكية تفطن الى التخلص من اﻻقتتال الطائفي بعد ان تورط فيه اللبنانيون جميعا خلال الحرب اﻻهلية، وتمكن من تحرير جنوب لبنان وأعاد التوازن بين طوائف لبنان، بانتظار أن يوجد عقلاء يضعون حدا للطائفية اللعينة.
في ما أوردته أعلاه،ﻻ أجهل أخطاء وخطايا غير اﻻسلاميين من كل أنظمة الحكم  وﻻ أجهل التوظيف الدولي واﻻقليمي من قبل اﻻستعماريين والطامعين، للإسلام والإسلاميين  في ما لم يخدم الاسلام والمسلمين، ولكني أنبه فقط من خلال هذا الجرد الى أن عداء اﻻسلاميين للحداثة وللعلم وللفن ولحقوق اﻻنسان وللتنوع وللتعايش وللحضارة المعاصرة ولحكم الدستور والقانون بالمعايير الكونية الحالية، هو عداء أحمق، أضر بهم وبغيرهم وﻻ يستفيد منه اﻻ أعداء العرب والمسلمين. أقول هذا للصادقين من بينهم أما الضالعون فهم المستفيدون من تحويل اﻻسلام من كونه دينا الى لعبة في السياسات الدولية.